responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 224
[سورة البقرة [2] : آية 196]
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (196)
قَوْلُهُ: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِلَّهِ، فَقِيلَ: أَدَاؤُهُمَا، وَالْإِتْيَانُ بِهِمَا مِنْ دُونِ أَنْ يَشُوبَهُمَا شَيْءٌ مِمَّا هُوَ مَحْظُورٌ، وَلَا يُخِلَّ بِشَرْطٍ، وَلَا فَرْضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَتَمَّهُنَّ [1] وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [2] . وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِتْمَامُهُمَا: أَنْ تَخْرُجَ لَهُمَا، لَا لِغَيْرِهِمَا وَقِيلَ:
إِتْمَامُهُمَا: أَنْ تُفِرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ تَمَتُّعٍ، وَلَا قِرَانٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِتْمَامُهُمَا:
أَنْ لَا يَسْتَحِلُّوا فِيهِمَا مَا لَا يَنْبَغِي لَهُمْ، وَقِيلَ: إِتْمَامُهُمَا: أَنْ يُحْرِمَ لَهُمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَقِيلَ: أَنْ يُنْفِقَ فِي سَفَرِهِمَا الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ السَّلَفِ فِي مَعْنَى إِتْمَامِهِمَا. وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِإِتْمَامِهِمَا أَمْرٌ بِهَا، وَبِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ الْجَهْمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ- كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُمْ-: أَنَّهَا سُنَّةٌ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ.
وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ: مَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةَ» . وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ» . وَاسْتَدَلَّ الْآخَرُونَ بِمَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْآيَةِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لَا وَأَنْ تَعْتَمِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ» وَأَجَابُوا عَنِ الْآيَةِ، وَعَنِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ: بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الدُّخُولُ فِيهَا، وَهِيَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَاجِبَةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ بُعْدٌ لَكِنَّهُ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ تَصْرِيحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِمَّا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِهَا، كَمَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «إِنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ» . وَكَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَوْصِنِي، فَقَالَ: «تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ شَهْرَ رمضان، وتحجّ وتعتمر، وتسمع وتطيع، وعليك

[1] البقرة: 124.
[2] البقرة: 187.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست